ريم علام
ترفع اللجنة الفنية لمفاوضات سد النهضة، خلال أيام، تقريرها إلى جنوب أفريقيا الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي وسط تضارب في التصريحات حول المرونة التي حظيت بها تلك الجولة من جانب مصر وإثيوبيا، وبين الحديث عن خلافات جوهرية بين الدول الثلاث حول النقاط الفنية والقانونية.. فهل ستحمل تلك الجولة جديدا؟
من جانبهم، يرى مراقبون أن الجولة الحالية والجولات القادمة لن تخرج بأي نتائج لأن العملية لا تسير إلى الأمام وإنما في شكل دائري تعود بعده إلى النقطة التي بدأت منها، وبات واضحا للجميع الانحياز والتعاطف الجنوب إفريقي الذي يرأس الجولة الحالية مع الجانب الإثيوبي، الأمر الذي يعني عدم جدوى أي تفاوض دون ضغوط على أديس أبابا.
الجانب القانوني
قال عضو اللجنة الأفريقية بالبرلمان المصري اللواء حاتم بشات، منذ بداية التفاوض ومصر لديها قناعة بأنها ستتوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، وهى لم تحيد عن هذا الطريق رغم التعثر الذي أصاب العملية التفاوضية خلال الفترة الماضية.
وأضاف عضو اللجنة الأفريقية في تصريحات صحفية: “أرى أن الجزء الفني في المفاوضات لا ينفصل عن الشق القانوني، فلو تم التوصل إلى حل فلا بد أن يكون هناك شق قانوني يحمي تلك الاتفاقيات، فإن لم يكن هناك شق قانون فلن يكون هناك إلزام لأي اتفاقية، فالكثير من الاتفاقات يتم التنصل منها لأنها لم تحتوي على شق قانوني ملزم”.
وأكد بشات أن “وجود الشق القانوني يمثل إلزام أمام المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والاتحاد الأفريقي، لذا فالشق القانوني الذي يتم التفاوض حوله مهم جدا”.
وبشأن المرونة التي تتحدث عنها التصريحات الرسمية في الجانبين المصري والإثيوبي قال بشات، “كنت متأكد أن الأمور سوف تختلف بعض الشيء خلال تلك المرحلة نتيجة المناخ السياسي الموجود في المنطقة الآن، حيث أن الدبلوماسية الرئاسية التي يتبعها الرئيس السيسي أجبرت الجميع على أن تكون هناك مرونة في تلك النقاط”.
مفاوضات عبثية
من جانبة قال خبير التفاوض السوداني الدكتور أحمد المفتي، في “اعتقادنا أن المفاوضات متعثرة ولا تسير حسب خارطة طريق 18 أغسطس الجاري، لأنه كان من المفترض قيام اللجنة الفنية بدمج النسخ الثلاث في “نسخة توافقية” واحدة، بمعنى حل كل نقاط الخلاف، ومن ثم رفع تلك النسخة التوافقية لجنوب أفريقيا الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي”.
وأضاف خبير المفاوضات أن “ما حدث هو خروج اللجنة الفنية بنسخة أسموها اسما لم نسمع به من قبل وهو “نسخة مدمجة”، حتى لا يقال أن اللجنة فشلت في الوصول إلى نسخة “توافقية “، والدليل علي صدق ما نقول، أن وزارة الري السودانية، حسبما ورد في صحيفة السوداني الصادرة صباح أمس السبت 22 اغسطس الجاري، أعلنت أن الوزراء سوف يعكفون طوال هذا الأسبوع علي “النسخة المدمجة “، للتوافق على نسخة توافقية لرفعها لجنوب أفريقيا الجمعة القادمة”.
وأكد المفتي أن “الوزراء سوف يفشلون في الوصول إلى” نسخة توافقية”، لأنهم فشلوا في ذلك من قبل، وهذا ما جعل كل دولة تعد نسختها وتحيلها للجنة الفنية”.
وتوقع أنه “عندما يرفع الأمر إلى جنوب أفريقيا يوم الجمعة القادمة، فإنها سوف تجد نفسها تبدأ من جديد، ولكنهم لن يعترفوا بالفشل، وسوف يخرجون بمسمى جديد مثل ” النسخة المدمجة “، ولذلك كنا محقين عندما وصفنا هذه المفاوضات قبل أن تبدأ عام 2011، بأنها سوف تكون “مفاوضات عبثية”.
نقطة البداية
ومن جانبه علق الدكتور هاني رسلان رئيس وحدة دراسات السودان ودول حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة على الجولة الجديدة من مفاوضات سد النهضة بأنها “تسير في دائرة وتعود لنفس النقطة دون التقدم خطوة للأمام”.
وقال رسلان، إن “الاجتماع السداسي الذي عقد يوم الأحد الماضي بحضور وزراء الخارجية والري من الدول الثلاث “مصر والسودان وإثيوبيا” نتج عنه اتفاق بتوحيد كل مسودات الاتفاقيات التي تقدمت بها الأطراف الثلاثة في وثيقة واحدة ترفع إلى رئيس وزراء جنوب أفريقيا، للنظر فيما إذا كانت تصلح كأساس لاتفاق حول ملء وتشغيل السد”.
تناقضات بين الأطراف
وأضاف الخبير بمركز الأهرام، أن ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع السداسي الأحد الماضي غير مفهوم وغير عملي، لأن هناك تباينات كبيرة جدا إلى حد التناقض فيما بين الموقف الإثيوبي والموقف المصري من ناحية والموقف السوداني من ناحية ثالثة، حيث تتفق مصر والسوداني في الشق القانوني ومناقض تماما للموقف الإثيوبي، ومن الناحية الفنية، الموقف المصري مختلف عن الموقف الإثيوبي في نقاط والسودان مختلف في نقاط أخرى.
وأوضح رسلان، أنه في “أعقاب اجتماع الثلاثاء الماضي أيضا صدر تعليق من السودان بحدوث خلافات حول الطريقة الإجرائية التي يتم بها تدوين تلك الوثيقة الواحدة، وهذا يعني أن إثيوبيا في كل جولة تضع عراقيل جديدة لم تكن موجودة في المفاوضات السابقة، ولحل تلك العراقيل الجديدة يتم عمل اجتماعات وتلك الاجتماعات تخلص إلى مقترحات، وتدخل تلك المقترحات في متاهة الخلافات الإجرائية”.
وتابع: “وبدلا من أن تسير المفاوضات إلى الأمام تسير في حركة دائرية وتعود لنفس النقطة، والسبب في تلك الحركة الدائرية هو ضعف قدرات وإمكانيات الاتحاد الأفريقي، وأيضا لسوء نية رئيس وزراء جنوب أفريقيا الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي نظرا لتعاطفه مع وجهات النظر الإثيوبية وهذا واضح من البداية”.
غياب الثقة
وأكد الخبير بمركز الأهرام، أن “الطريقة الدائرية التي تدار بها المفاوضات تصب في صالح الاستراتيجية الإثيوبية التي تغيب فيها الإرادة السياسية بشكل كامل للوصول إلى اتفاق، وأنها تشارك في تلك المفاوضات لهدفين، أولهما استهلاك الوقت حتى يتحول السد إلى أمر واقع، والهدف الثاني أنها أثناء تنفيذ الأمر الواقع توظف مشاركتها في التفاوض إعلاميا بأنها دولة غير متعنتة وتريد الوصول إلى حل، لكنها في الحقيقة تعرقل الحلول، لذا فليس هناك أي مؤشر على أن تلك الجولة ستقدم شيئا مختلفا عن الدورات السابقة”.
وبدأت جولة جديدة من المفاوضات الفنية والقانونية بين مصر والسودان وإثيوبيا الأسبوع الماضي بشأن سد النهضة، وتأتي الجولة بعد توقف نحو أسبوع مع استمرار الخلافات المصرية الإثيوبية، وينتظر أن يتم رفع تقرير عن تلك الجولة إلى جنوب أفريقيا الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي نهاية الإسبوع.
من جهتها، أعلنت السودان في بيان رسمي، الثلاثاء الماضي، أصدرته وزارة الري السودانية أنه تم استئناف المفاوضات الثلاثية بين السودان ومصر وإثيوبيا بشأن ملء وتشغيل سد النهضة والمشاريع المستقبلية على النيل الأزرق.
وأبدى وزراء الري في الدول الثلاث الاجتماع بتقديم ملاحظاتهم الافتتاحية وتصوراتهم للإجراءات التي ستتبع خلال هذه الجولة، موضحا ان الدول الثلاث ستعمل في المفاوضات الحالية على دمج مقترحاتها لنصوص الاتفاقية المقترحة وتسليم مشروع مشترك لرئيس جنوب أفريقيا، سيريل راما فوزا رئيس الدورة الحالية للإتحاد الإفريقي بتاريخ ٢٨ أغسطس.
وأوضح البيان أنه خلال الإجتماع برزت خلافات بين الدول الثلاث تتعلق بتفسير إجراءات دمج الاتفاقيات كما جاءت في تقرير وزارة خارجية دولة جنوب أفريقيا وتبادلت الدول الثلاث مقترحاتها للنص النهائي للاتفاقية بصورة متزامنة وتم اختيار ممثلين، قانوني وفني، من كل بلد للمشاركة في دمج النصوص الثلاث.