ريم علام
شهد ملف أزمة سد النهضة تطورات مهمة خلال الساعات الأخيرة، بعد تدخل دول الاتحاد الإفريقي ومحاولات إيجاد حلول سلمية، بعد تصعيد مصر والسودان ملف القضية إلى مجلس الأمن بعد تعنت من جانب إثيوبيا.
وعقد رؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي قمة مصغرة عبر “الفيديو كونفرانس” لمناقشة قضية “سد النهضة”، والتي رأسها سيريل رامافوزا رئيس جمهورية جنوب أفريقيا والرئيس الحالي للاتحاد، وبحضور كل من أعضاء المكتب الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، والرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا، والرئيس فيلكس تشيسيكيدي رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، بالإضافة إلى مشاركة رئيس وزراء السودان، عبد الله الحمدوك ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد.
قمة إفريقية
وعقب القمة المصغرة أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أن مصر منفتحة برغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن “سد النهضة” على نحو يمكن إثيوبيا من تحقيق التنمية الاقتصادية التي تصبو إليها وزيادة قدراتها على توليد الكهرباء التي تحتاجها، أخذا في الاعتبار مصالح دولتي المصب مصر والسودان وعدم إحداث ضرر لحقوقهما المائية.
وتابع السيسي “ومن ثم يتعين العمل بكل عزيمة مشتركة على التوصل إلى اتفاق بشأن المسائل العالقة وأهمها القواعد الحاكمة لملء وتشغيل السد، وذلك على النحو الذي يؤمن لمصر والسودان مصالحهما المائية ويتيح المجال لإثيوبيا لبدء الملء بعد إبرام الاتفاق”.
وشدد السيسي على “أن مصر لديها الاستعداد الكامل للتفاوض من أجل بلوغ الهدف النبيل بضمان مصالح جميع الأطراف من خلال التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، ومن هذا المنطلق فإن مصر تؤكد أن نجاح تلك العملية يتطلب تعهد كافة الأطراف وإعلانهم بوضوح عن عدم اتخاذ أية إجراءات أحادية، بما في ذلك عدم بدء ملء السد بدون بلورة اتفاق، والعودة الفورية إلى مائدة المفاوضات من أجل التوصل إلى الاتفاق العادل الذي نصبو إليه”.
من جانبه، أوضح المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، السفير بسام راضي، أنه تم التوافق في ختام القمة على تشكيل لجنة حكومية من الخبراء القانونيين والفنيين من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جانب الدول الأفريقية الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي، وكذا ممثلي الجهات الدولية المراقبة للعملية التفاوضية، وذلك بهدف الانتهاء من بلورة اتفاق قانوني نهائي ملزم لجميع الأطراف بخصوص قواعد ملء وتشغيل “سد النهضة”، مع الامتناع عن القيام بأية إجراءات أحادية، بما في ذلك ملء السد، قبل التوصل إلى هذا الاتفاق، وإرسال خطاب بهذا المضمون إلى مجلس الأمن باعتباره جهة الاختصاص لأخذه في الاعتبار عند انعقاد جلسته لمناقشة قضية سد النهضة يوم الإثنين المقبل.
مناقشات مثمرة
وقال رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، إن اجتماع الاتحاد الأفريقي بشأن “سد النهضة” كان مثمرا.
وأشار في تغريدات عبر حسابه على موقع “تويتر” إلى أن “المنظومة القارية التي تشمل كل قارة أفريقيا، هي المساحة المناسبة للحوار، حول القضايا ذات الأهمية بالنسبة لأفريقيا كلها”.
وتابع آبي أحمد قائلا “يوفر سد النهضة لجميع أصحاب المصلحة الفرصة لتحقق نمو اقتصادي غير مسبوق، وتنمية متبادلة”.
وأوضح رئيس وزراء إثيوبيا “لقد كانت مناقشات مثمرة حول الحلول الأفريقية بالنسبة لمشكلة سد النهضة مع مكتب جمعية الاتحاد الأفريقي بالإضافة إلى إثيوبيا والسودان ومصر”.
واستطرد بقوله “نحن نقدر تلك المحادثات، ودور رئيس جنوب أفريقيا في قيادة وتسهيل تلك المحادثات رفيعة المستوى ذات الأهمية القارية، كل الشكر له ولكافة المشاركين”.
وأشاد رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، بنتائج الاجتماع، مع زعيمي مصر والسودان بشأن قضية سد النهضة، واصفا المحادثات بالمثمرة.
وأعلنت رئاسة الوزراء الإثيوبية، عودة استئناف المحادثات حول سد النهضة، مع مصر والسودان، خلال الأسبوعين المقبلين، مع استكمال أعمال البناء والتمسك بجدول ملء السد بعد أسبوعين.
وأكد مكتب رئيس الوزراء، في بيان له، أن إثيوبيا ستبدأ ملء سد النهضة خلال أسبوعين، في الفترة التي سيتم خلالها استكمال أعمال البناء”، موضحا أن “هذه الفترة هي نفسها التي ستستكمل فيها محادثات الدول الثلاث للوصول إلى اتفاق نهائي حول بعض الأمور العالقة”.
وأضاف أن “اجتماع الاتحاد الإفريقي، أبلغ مجلس الأمن بالأمم المتحدة بما تم التوصل إليه أمس، وأوصى أيضا بأن تتوقف الدول الثلاث عن التصعيد الإعلامي”.
موقف السودان
من جانبه، قال وزير الإعلام السوداني، فيصل صالح، إن هناك نقاطا قانونية وفنية عرقلت التوصل إلى اتفاق “سد النهضة” ونعمل على تجاوزها.
ولفت “صالح” إلى أن “الإطار الإفريقي لمفاوضات سد النهضة بني على اتفاقات سابقة، مؤكدا أن القضايا العالقة بشأن التوصل إلى اتفاق بشأن “سد النهضة” محدودة.
اللمسات الأخيرة
من جانبه، قال وزير المياه الإثيوبي، إنه سيكون هناك اتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان فيما يتعلق بملء سد النهضة في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
جاء ذلك بعد يوم واحد من قمة افتراضية لزعماء الدول الثلاث ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا، الذي يرأس الاتحاد الأفريقي.
وقال وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي على تويتر “تم التوصل إلى توافق لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق سد النهضة الإثيوبي الكبير في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع”.
تسوية الأزمة
أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي، أنه تم حل معظم القضايا في المفاوضات لتسوية أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان.
وأفاد “فكي” في بيان أصدره اليوم السبت، بأنه “تم بالفعل حل أكثر من 90% من القضايا الخلافية في إطارة أزمة سد النهضة، مشيرا إلى أن اللجنة المعنية، التي تضم ممثلين عن مصر وإثيوبيا والسودان وجنوب إفريقيا، التي تترأس حاليا الاتحاد الإفريقي، إضافة إلى خبراء فنيين منه، ستعمل على تسوية المسائل القانونية والتقنية التي لا تزال قائمة.
وذكر فكي في بيانه أن هذه اللجنة ستصدر تقريرا عن التقدم الذي سيتم تحقيقه في المفاوضات بعد أسبوع واحد.
وبقي أمام الاتحاد الإفريقي أسبوعان للمساعدة على عقد صفقة من شأنها إنهاء الخلافات المستمرة منذ 10 سنوات حول توريدات المياه من نهر النيل بسبب بناء إثيوبيا سد النهضة الكبير.
وسبق أن أعلن وزير المياه الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، السبت، أنه سيكون هناك اتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان فيما يتعلق بملء سد النهضة في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
حق تاريخي
وفي إطار مساعيها لإيجاد حل سلمي لأزمة السد، أعلنت مصر، عن خطوة تعتبر هي الأولى من نوعها منذ اندلاع أزمة سد النهضة، لتأكيد حقوق مصر التاريخية والشرعية في مياه النيل ودحض المزاعم الإثيوبية في هذا الصدد.
ووفقا لبيان الحكومة المصرية، أطلقت وزارة الهجرة المصرية فيلمًا حول حق مصر التاريخي في مياه النيل بـ 7 لغات.
وأوضح البيان أن “ذلك يأتي في إطار المبادرة التي أطلقتها الوزارة لتأكيد حقوق مصر التاريخية والشرعية في مياه النيل ودحض المزاعم الإثيوبية في هذا الصدد، حيث قامت وزارة الهجرة بإعداد فيلم توضيحي قصير حول هذا الموضوع”.
ويعقد مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة جلسة يوم الاثنين المقبل لمناقشة قضية سد النهضة بناء على مذكرة تقدمت بها مصر، وطالبت فيها مجلس الأمن بدعم المسار التفاوضي الخاص بسد النهضة بين مصر وأثيوبيا والسودان.
وتخشى مصر أن يؤثر سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق على حصة مصر من المياه، ولم تؤدي المفاوضات بين مصر والسودان وأثيوبيا طوال السنوات التسع الماضية إلى اتفاق تقبل به الأطراف الثلاثة، ما دعا مصر لإحالة الملف لمجلس الأمن.
وتقول مصر إنها ترغب في التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي، وعدم اتخاذ أية إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق.
وقد استند خطاب مصر إلى مجلس الأمن إلى المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة التي تجيز للدول الأعضاء أن تنبه المجلس إلى أية أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين.