دراسةبحثية:تحلية المياه بالطاقة الشمسيةحلٌ واعد لمشكلات المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
- المؤلف: أندريا أتاناسوفسكا.
- المراجع: جول أوزيرول.
دراسة جديدة نشرها موقع water. fanak حول مشكلات المياه فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنها مصر وأهمها مشكلة ندرة المياه وتقنية تحلية المياه كأحد الحلول المستقبلية الواعدة لحل تلك المشكلات.
موقع علامة يضع تلك الدراسة بين يديك عزيزي القارئ لتتعرف على كل ماهو جديد فيما يتعلق بالمياه.
تعتبر نُدرة المياه أحد أكثر المشاكل الجوهرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. فالشرق الأوسط وشمال افريقيا موطن 6,3% من سكان العالم، ولكن لا يصله سوى ما نسبته 1,4% من موارد المياه العذبة الممتجددة [1]. ويُقدر البنك الدولي أنه بحلول عام 2050، ستزداد فجوة الطلب السنوي على المياه من 42 كيلومتر مكعب إلى ما يُقارب 200 كيلومتر مكعب [2]. تشتمل الأسباب الرئيسية لندرة المياه في المنطقة على الزيادة السكانية، والتنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى تغير المناخ والتصحر.
وللتخفيف من نُدرة المياه، زادت بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بشكلٍ ملحوظ، استثماراتها ومشاركتها في تحلية المياه. لا يوجد نموذج واحد لتحلية المياه، كما لا يوجد نموذج واحد يمكن تطبيقه في جميع البلدان. فقد أجبر التنوع في التنمية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية بين البلدان، على اتباع نهجٍ مُختلفة لتحلية المياه في كل بلد.
تحلية المياه ليست تقنيةً جديدة؛ بل على العكس تعتبر أحد أقدم طرق تنقية المياه التي عرفها الإنسان. إن عملية تحلية المياه في الطبيعة هي المسؤولة عمّا يُعرف بـ”دورة المياه.” توفر الشمس الطاقة التي تُسبب تبخر المياه السطحية. وبالتالي، يُلامس بخار الماء الهواء المبرد الذي يتكثف مجدداً مشكلاً المطر. يمكن تكرار هذه العملية اصطناعياً بسرعة أكبر وكميةٍ أكبر [3]. يمكن أن تتم عملية تحلية المياه المالحة أو قليلة الملوحة بثلاث طرق [4]:
تقطير مياه البحر من خلال التسخين، مما يؤدي إلى تبخرها. يتم تكثيف البخار باستخدام الكهرباء أو خزانات الضغط المنخفض لخفض كمية الطاقة المطلوبة.
يتم تطبيق عملية التناضح العكسي، الذي تضخ من خلاله مضخات الضغط العالي المياه عبر غشاء لا يسمح بنفاذ الملح.
يُستخدم التيار الكهربائي لفصل الماء عن الملح.
وضع مشاريع تحلية المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا
يمكن لمشاريع تحلية المياه أن يكون لها أثر سلبي كبير على البيئة، مثل اضطراب الحياة البحرية وتدميرها، وانبعاث غازات الاحتباس الحراري وانخفاض نوعية المياه الساحلية. ويعود هذا بشكلٍ أساسي إلى الاستهلاك الهائل للطاقة خلال عملية تحلية المياه، فضلاً عن التركيز المرتفع لتصريف المواد الكيميائية التي تحتوي على المعادن الثقيلة الناتجة عن التأكسد وانخفاض مستويات المعادن الثقيلة. وفي محطات التناضح العكسي، سيكون هناك آثار للحديد والنيكل والكروم [5].
إنّ العلاقة بين تحلية المياه وتغير المناخ علاقة معقدة نوعاً ما. فمع ازدياد مساحات الأراضي الصحراوية والتوسع السكاني المتواصل، فمن المتوقع أن يبقى خيار تحلية المياه الخيار السائد لزيادة إمدادات المياه العذبة، وبالتالي سيزداد حرق الوقود الأحفوري لعملية تحلية المياه وستزداد انبعاثات الغاز الناتجة عن ذلك.
وعلاوة على ذلك، فإن عملية تحلية المياه هي عملية مكلفة للغاية بالنسبة للبلدان المعنية. ومع ذلك، هناك بالفعل أكثر من 2,800 محطة عاملة للتحلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، والتي تنتج حوالي 27 مليون متر مكعب من المياه العذبة من مياه البحر يومياً [6].
وكما ذكرنا سابقاً، لا يوجد نموذج واحد لتحلية المياه يمكن تطبيقه على جميع بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. تشتمل القضايا الرئيسية التي تواجهها البلدان فيما يتعلق بتحلية المياه، ما يلي:
إنّ نوعية مياه البحر أمر غاية في الأهمية لعملية تحلية المياه. فعلى سبيل المثال، تصعب معالجة المياه من الخليج الفارسي بشكلٍ أكبر من معالجة مياه البحر الأحمر، وذلك بسبب القدرة المحدودة على امتصاص درجات الحرارة المرتفعة لمفرزات المحلول الملحي والفرق الذي سيتركه ارتفاع مستويات الملوحة على الأنواع الحساسة من النباتات والحيوانات [7].
يلعب حجم محطات التحلية دوراً غاية في الأهمية فيما يتعلق بالطاقة وخفض التكاليف. يمكن للمحطات الأكبر حجماً إنتاج المزيد من المياه عن طريق استخدام موارد أقل من المحطات الصغيرة (اقتصاديات الحجم). افتتحت أكبر محطة لتحلية المياه في الجزائر عام 2014، بقُدرة إنتاج 500,000 متر مكعب من المياه العذبة يومياً [8] .
اعتماداً على نوعية المياه المطلوبة، يتم إجراء عمليات مختلفة من تحلية المياه. تختلف معايير الجودة بين استخدامات المياه لأغراض الري والصناعة والطبخ والشرب[9].
محطات تحلية المياه بالطاقة الشمسية
بسبب الآثار البيئية التي ذكرت سابقاً، قد يكون النهج الجديد والأكثر استدامة خياراً مرغوباً فيه في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وفي الوقت الراهن، فإن الأسلوب الأكثر رواجاً والذي من شأنه أن يحل محل عمليات تحلية المياه التقليدية المستهلكة للطاقة هي محطات الطاقة الشمسية المركزة (CSP). وتتضمن الطرق الأخرى لتحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة، الطاقة الشمسية الحرارية والطاقة المستمدة من الرياح [10]. تعمل محطات الطاقة الشمسية المركزة عن طريق استخدام المرايا الكبيرة التي يتم وضعها في حقل لإلتقاط أشعة الشمس وعكسها على عناصر مستقبلة التي تعمل على تضخيم الحرارة بنسبة تصل إلى 100 مرة. يمكن استخدام هذا في دورة الطاقة الحرارية من خلال توربينات البخار أو توربينات الغاز. كما يمكن أن تعمل محطات الطاقة الشمسية المركزة بواسطة الوقود الأحفوري، مما يسمح لها بتلبية الطلب.
تعتبر كل من الجزائر وليبيا وقطر والمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة من أكبر المستهلكين لمحطات الطاقة الشمسية المركزة. وقعّت الإمارات العربية المتحدة والصين اتفاقاً للتعاون لزيادة استخدام الطاقة المتجددة في عملية تحلية مياه البحر. يتمثل الهدف في الحدّ من استهلاك الطاقة بما نسبته 40%. الطاقة الشمسية المركزة خيار مناسب وقابل للتطبيق لمحطات تحلية المياه على نطاق صناعي التي تتطلب المزيد من الكهرباء والسوائل ذات الحرارة المرتفعة. إنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا أكثر من مناسبة للتقنيات التي تستخدم الطاقة الشمسية نظراً لوفرة الإمكانات. ووفقاً لجمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية، تم إنجاز رقم قياسي في عام 2014 في عدد مشاريع الطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط بطاقة إجمالية قدرها 294 ميجاواط. هذا النوع من تحلية المياه صديق للبيئة، ويمكن اعتباره مصدراً ثابتاً للطاقة.
وقد بدأت العديد من البلدان الأخرى في المنطقة مثل مصر والمغرب وتونس تنفيذ مشاريع كبيرة لمحطات الطاقة الشمسية المركزة. أحد المشاريع هو سلسلة من مزارع الطاقة الشمسية التي تمتد عبر المنطقة. يمتلك المغرب الإمكانية ليصبح رائداً في المنطقة مع بناء محطة الطاقة الشمسية الضخمة في ورزازات، التي ستسخدم جزئياً لأغراض تحلية المياه. يتم تنفيذ هذا المشروع تحت مظلة ديزيرتيك، إلى جانب بناء محطة تونور للطاقة الشمسية في تونس، التي تمت الموافقة عليها في عام 2012. سيتم تنفيذ أحدث هذه المشاريع في قطر، حيث أعلنت مجموعة مونسون عن إنشاء محطة آلية جديدة لتحلية المياه بالطاقة المتجددة باستهلاك منخفض للطاقة.
الخلاصة
بالنظر إلى التوسع السريع في عدد السكان، والتحضر، وتغير المناخ، ستعتمد دول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بشكلٍ أكبر على تحلية المياه باعتبارها وسيلة لتلبية الطلب المتزايد على المياه العذبة. وبسبب الآثار الخطيرة لتحلية المياه على البيئة، فضلاً عن التكلفة العالية لبناء واستخدام محطات التحلية، فمن المحتمل أنّ الحلول الأكثر استدامة، مثل الطاقة الشمسية المركزة، ستكون حلاً واعداً للعديد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
[1] EcoMena. Zafar,S .2014. Water scarcity in Mena.
[2] [6] [7] World Bank. MENA Progress Report. 2012. Renewable Energy Desalination.
[3] USGS. 2015. Saline Water: Desalination.
[4] Parise, T. 2012. Water desalination. Stanford Univeristy.
[5] Lattermann,S. 2005. Potential Impacts of Seawater Desalination.
[8] Water World. Freyberg, T. 2014. Algeria’s supersized 500,000 M3/day desalination plant open for business.
[9] World Water Council. The use of water today.